القصاص أمن في الدنيا ... و في الآخرة عدل وإنصاف



ـ[ القصاص أمن في الدنيا ... و في الآخرة عدل وإنصاف ]ـ
- - - - - - - - -
الحمد لله رب العالمين وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد.
إن الله - عزوجل - خلق الخلق ويعلم ما يصلحهم، ومن ذلك أنه شرع لهم الحدود لتردع المعتدي وتكف المجرم عن إجرامه. فجعل القصاص من القاتل للمقتول. وقطع يد السارق - بشروط- وجلد شارب الخمر، ورجم الزاني المحصن. وغير ذلك .فإذا طبقت هذه الحدود عاش الناس في أمان. يأمنون على دمائهم وأموالهم وأعراضهم. ولم ولن يتحقق الأمن الكامل إلا بتطبيق هذه الحدود.
ولما ترك الناس التحاكم إلى شرع الله وتركوا تطبيق هذه الحدود انتشر الشر والفساد من قتل وسرقة وزنا وشرب خمر، لأنهم لم يجدوا العقوبة التي تردعهم.
وهذه رسالة أوجهها للجميع. للظالم والمظلوم - وكل الناس إما ظالم وإما مظلوم - فأقول للظالم : تب إلى الله وأعد المظالم إلى أهلها وتحلل منها قبل الموت، وقبل أن تؤخذ منك المظالم لأصحابها يوم القيامة، ويكون ذلك بالحسنات والسيئات. وأقول للمظلوم : اعف عن الظالم وتجاوز عنه فالعفو ثوابه عظيم عند الله تعالى. فإن لم تستطع العفو ولم تأخذ حقك في الدنيا. فأبشر فحقك لن يضيع في الآخرة، فسيقتص لك رب العالمين من الظالم، وذلك بالحسنات والسيئات - كما سيأتي - فالله سبحانه وتعالى لايظلم مثقال ذرة وسينصفك من الظالم.
** قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى. ..."
- وقال تعالى : " ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب. ..." فالقاتل لو علم أنه سيقتل قصاصا لو قتل ما تجرأ على القتل، لأنه يعلم أنه لو قتل غيره فسيكون حكم على نفسه بالقتل.
- وقال تعالى : " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص "
- وقال تعالى : " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين "
** وقد وردت الأحاديث الكثيرة في ذلك منها :
[ ١ ] روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كسرت الربيع بنت النضر - وهي عمة أنس بن مالك - ثنية جارية من الأنصار فطلب القوم القصاص ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أنس بن النضر : لا والله لا تكسر سنها يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أنس كتاب الله القصاص، فرضي القوم وقبلوا الأرش - أي الدية - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره "
[ ٢ ] وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه : " أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها - يعني حلي - فقتلها بحجر، قال : فجيء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها رمق فقال لها : " أقتلك فلان؟ فأشارت برأسها أن لا، ثم قال لها الثانية. فأشارت أن لا. ثم سألها الثالثة فقالت : نعم، وأشارت برأسها. فقتله النبي صلى الله عليه وسلم بين حجرين"
[ ٣ ] روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول ما يقضى بين الناس في الدماء "
[ ٤ ] روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رحم الله عبدا كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فجاءه فاستحله قبل أن يؤخذ وليس ثم دينار ولا درهم. فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته، وإن لم تكن له حسنات حملوه من سيئاتهم"
[ ٥ ] روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة "
[ ٦ ] روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون من المفلس؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال : " إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار "
[ ٧ ] وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لتؤدون الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء "
[ ٨ ] روى البخاري في صحيحه وأحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم : " رأى المرأة معلقة في النار والهرة تخدشها في وجهها وصدرها وتعذبها كما عذبتها في الدنيا بالجوع والحبس "
[ ٩ ] روى أحمد في المسند وصححه الألباني عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقتص الخلق بعضهم من بعض حتى الجماء من القرناء وحتى الذرة من الذرة " أي النملة من النملة.
** قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطبة له : " إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم فمن فعل به ذلك فليرفعه إلي أقصه منه " قال عمرو بن العاص رضي الله عنه : لو أن رجلا أدب بعض رعيته أتقصه منه؟ قال : إي والذي نفسي بيده أقصه .وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه "
** فيا من عندك مظلمة لأحد من الناس من مال أو عرض أو أرض. فتحللها منه الآن قبل ألا يكون دينار ولا درهم وتؤخذ منك حسناتك للمظلومين. وقد تفنى حسناتك ولم تقض ما عليك فتأخذ انت من سيئاتهم ثم لا يكون مصيرك إلا إلى النار - عياذا بالعزيز الجبار - وأنت أيها المظلوم اعف وسامح أخاك الذي لك عنده مظلمة فالعفو أجره أعظم من القصاص. أيضا لو دعوت على الظالم الذي ظلمك واستجاب الله دعاءك عليه فقد أخذت حقك وليس لك شيء فالعفو أفضل.
وإياك أيضا أيها المظلوم أن تركن إلى مظالمك التي لك عند الظلمة فتقصر فيما فرض الله عليك من الواجبات أو تنتهك المحرمات بحجة أن لك حسنات عند من ظلموك. فالحسنات التي تأخذها مقابل المظالم لا تعفيك من أداء الواجب وترك المحرم.
نسأل الله تعالى أن يجنبنا الظلم وأهله. وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .والحمد لله رب العالمين.
- - - - - - - - - - - - -
وكتبه فضيلة الشيخ /أبو إسلام حازم بن علي خطاب
الجمعة ٢٠ / ٥ /١٤٣٨ هجرية - ١٧ / ٢ /٢٠١٧ م
ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ ]ـ
= = = = = = = = = = = = = = = = =
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق