سب الحكام . بسبب غلاء الأسعار . حرمان في الدنيا .. وفي الآخرة بوار



[ سب الحكام . بسبب غلاء الأسعار . حرمان في الدنيا .. وفي الآخرة بوار ] .

الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. حمدا يوافي نعمه ويكافيء مزيده. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . وبعد 
لا أحد ينكر ما وصل إليه الحال من هذا الغلاء الفاحش والأسعار المتزايدة بطريقة لم يسبق لها مثيل في واقعنا. وهذا بمخالفاتنا نحن - حكاما ومحكومين - لشرع الله ولدينه
قال تعالى : " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " وصدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال : " .....ولم ينقصواالمكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين - أي بالشدة والضيق والقحط - وشدة المؤنة وجور السلطان " رواه ابن ماجه بسند صحيح . فما حل بنا فبكسبنا.
- والعجيب في ذلك أن أكثر الناس يصبون جام غضبهم على حكامهم ويسبونهم ويلعنونهم بسبب ذلك الغلاء - وهم في الحقيقة يعلمون الأسباب - وسبهم ولعنهم لا يحل الإشكال ولا يرفع الغلاء والبلاء بل يزيده ويترتب عليه شر على من سب ولعن. وأنا لا أقول هذا الكلام محاباة ولا مجاملة لحاكمنا الحالي فكلامي أصلا لا يصله ولا انتقاصا من حاكم سابق وإنما هذا الكلام يشمل جميع الحكام في كل زمان ومكان لأن هذا هو دين الله.
- فجال في خاطري - وأنا أسمع وأرى حال الناس من ذلك الغضب والشتم واللعن - حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي في الصحيحين : " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ...... ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا على الدنيا. إن أعطاه منها وفى وإن لم يعطه لم يف " وهذا حال أكثرهم الآن لم يبايع الرئيس إلا لدنياه إن أغدق عليه المال رضي وإلا سخط. فمثل هذا الصنف متوعد بهذه العقوبة الشديدة في الآخرة كما ورد في الحديث السابق. فاحذر على نفسك أيها المسلم أن تكون منهم وأنت تدري أو لا تدري. فأحببت أن أقف هذه الوقفة لأبين وأذكر نفسي وإخواني بما يتعلق بالحاكم وببيعته وموقفنا نحن منه إن ظلمنا وجار علينا . وأنا لا أتكلم هنا عن تحريم الخروج عليه ولا عن السمع والطاعة له فهذا ما سبق الكلام عليه كثيرا. وإنما يكون التركيز على عدم نكث البيعة ولو ظلم والصبر على الظلم والدعاء له لا عليه وتوقيره وعدم إهانته وكل ذلك من خلال أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وكلام سلفنا الصالح. فأقول مستعينا بربي مستمدا العون والسداد منه وحده.
** أولا : الوفاء بالبيعة وعدم نكثها.
- قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود. ..."
- في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من بايع إماما، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع " وهنا ربما يقول قائل - وما أكثر من يقول ذلك - أنا لم أبايع الحاكم فليس له في عنقي بيعة. فنقول ومتى بايع الناس جميعا خليفة المسلمين أو حاكمهم؟ !!! حتى الخلفاء من الصحابة ما بايعهم المسلمون جميعا وإنما يبايعهم أهل الحل والعقد ثم تلزم البيعة للجميع.
- وفي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من خلع يدا من طاعة لقي يوم القيامة لا حجة له. ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية "
- في الصحيحين عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد ثم قال : أما بعد : فإننا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله .وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال : هذه غدرة فلان. وإن من أعظم الغدر - إلا أن يكون الإشراك بالله - أن يبايع رجل رجلا ببيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته. فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسرفن أحد منكم في هذا الأمر فيكون الفيصل بيني وبينه " فانظروا كيف حذر عبدالله بن عمر أولاده وأهله من نكث البيعة وخلعها ومن فعل ذلك هجره هجرا شديدا وعاقبه.
- وهذه البيعة لا تكون إلا للحاكم الذي اختاره المسلمون - أو الذي أخذها بالغلبة وبالقوة وإن كان هذا لا يجوز - أما البيعات التي تكون سرا داخل الدولة لأصحاب التنظيمات والأحزاب فهذه ليست بيعة صحيحة. بل حتى لو أعلن شخص ما أنه يريد البيعة لنفسه بالحكم في وجود حاكم آخر فغير جائز بل هذا الثاني الذي يريد منازعة السلطان يجب ضرب عنقه بالسيف لما ورد في صحيح مسلم : " إذا بويع لخليفتين فاضربوا عنق الآخر منهما "
** ثانيا : الدعاء للحاكم بالهداية والصلاح لا سبه ولعنه.
فالسب واللعن ليس من صفة المسلم بصفة عامة والحكام بصفة خاصة
- في الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء "
- وفي الصحيحين أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويدعون لكم وتدعون لهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم. ...."
- روى ابن أبي عاصم في السنة وصححه الألباني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : نهانا كبراؤنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا الأمراء ولا تغشوهم ولا تبغضوهم واصبروا فإن الأمر قريب " فأقول للناس في مصر وغيرها اصبروا على حاكمكم لا تسبوه فإن كان يستحق السب والشتم فأنت وقعت في المحظور لأن المؤمن ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء. وإن كان لا يستحق اللعن رجع اللعن عليك وأيضا فإنك تخسر حسناتك ويأخذها هو كما في الصحيحين : " أتدرون من المفلس؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال : المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصدقة وصلاة وصيام وحج ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأخذ مال هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته. ...... " الحديث . والأمر قريب إما أن يموت فتستريحوا وإما أن تنتهي مدة حكمه فلا يصل إلى الحكم مادام الناس كرهوه.
- وروى أيضا بسنده عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : إياكم ولعن الولاة فإن لعنهم الحالقة وبغضهم العاقرة. قيل : فكيف نصنع إذا رأينا منهم مالا نحب؟ قال : اصبروا فإن الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت "
- قال الإمام البربهاري في شرح السنة ( ص 113 ) إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى. وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله.
- روى أبو نعيم في الحلية ( 8 / 91 ) عن الفضيل بن عياض رحمه الله قال - وقاله الإمام أحمد أيضا - : لو كانت لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان. لأن بصلاحه صلاح الرعية وبفساده فساد الرعية "
- وذكر الإمام ابن عبد البر في التمهيد ( ٢١ / ١٨٧ ) عن أبي إسحاق السبيعي رحمه الله قال : ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره "
** ثالثا : احترام الأمراء وعدم إهانتهم.
الذي أمر باحترامهم وترك إهانتهم ليس عالما من العلماء وليس الأمراء أمروا الناس بذلك بل ديننا العظيم على لسان النبي الأمين الذي أمر بذلك.
- روى ابن أبي عاصم في السنة وصححه الألباني عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " السلطان ظل الله في الأرض فمن أكرمه أكرمه الله ومن أهانه أهانه الله "
- روى الإمام أحمد في المسند وابن أبي عاصم في السنة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه : " خمس من فعل واحدة منهن كان ضامنا على الله عزوجل. ....... أو دخل على إمامه يريد تعزيره وتوقيره. ....."
- روى القرطبي عن سهل بن عبد الله قال : لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء. فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم وإن استخفوا بهذين أفسدوا دنياهم وأخراهم " وصدق رحمه الله فانظروا لما استخف الناس في زماننا بالعلماء وطعنوا فيهم كما هو حال إسلام بحيري وإبراهيم عيسى وميزو ومن على شاكلتهم كيف تلاعبوا بدين الله وشككوا في ثوابت الدين. ولما استخف الشعب بحكامه كيف خسروا كثيرا من دنياهم ووالله لوصبروا من أول الأمر لأوشك الله أن يرفع عنهم ماخرجوا وتظاهروا من أجله لكن استخفوا بحكامهم فأفسدوا دنياهم.
** رابعا : الصبر على جور وظلم الحكام.
لابد أن نعلم علم اليقين أن الحكام صورة من أعمالنا وواقعنا فلما ظلم الناس ابتلوا بمن يظلمهم. قال تعالى : " وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا " وكما تكونوا يولى عليكم. وقيل : أعمالكم عمالكم. أي أعمالكم ظهرت في حكامكم.
- في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية "
- وفيهما عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنها ستكون بعدي أثرة - أي استئثار بالأموال - وأمور تنكرونها. قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال : أدوا الحق الذي عليكم وسلوا الله الذي لكم "
- وروى الإسماعيلي في مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني جبريل عليه السلام فقال : إن أمتك مفتتنة بعدك. فقلت : من اين ؟ قال : من قبل أمرائهم وقرائهم. يمنع الأمراء الناس الحقوق ، فيطلبون حقوقهم فيفتنون ويتبع هؤلاء القراء هؤلاء الأمراء فيفتنون. قلت : فكيف يسلم من سلم منهم؟ قال : بالكف والصبر. إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه "
- فماذا يريد الناس بعد هذه النصوص والآثار؟ !!!! فليس أمامنا إلا الصبر والتحمل وإلا فليس إلا السخط على قدر الله أولا. ثم الانفجار والغضب ثانيا وبعدها فلينتظر الناس ما حل بغيرهم - نسأل الله السلامة - فأفيقوا أيها الناس فأكثر ما يحدث لنا فبمكر من أعداء الإسلام ليقضوا على البقية الباقية من أمتنا لا مكنهم الله من ذلك. واصبروا فالفرج آت إن شاء الله.
وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه والحمد لله رب العالمين

وكتبه // الفقير إلى عفو ربه ...
فضيلة الشيخ // أبو إسلام حازم بن علي خطاب
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين أجمعين
الخميس ٧ / ٤ /١٤٣٨ من الهجرة - ٥/ ١ /٢٠١٧ م
ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ ]ـ

============================
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق