لا ثواب على الصبر بغير احتساب الأجر

ـ[ لا ثواب على الصبر بغير احتساب الأجر ]ـ
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد
قضاء الله عزوجل وقدره نافذ فينا لا محالة. شاء من شاء وأبى من أبى. ومن قضاء الله وقدره المصائب على اختلاف ضروبها وأنواعها. والطاعات التي فرضها الله علينا وأمرنا بها. والمعاصي والمحرمات التي نهانا عنها.
لكن شتان شتان بين من يصبر على المصائب والابتلاءات تجلدا وتحملا. أو ليرى الناس منه عزيمته وقوته على تحمل المصائب. وبين من يصبر عليها إيمانا واحتسابا يريد الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى.
- وكذلك في الفرائض والواجبات من الطاعات فشتان شتان بين من يفعلها إيمانا واحتسابا وبين من يفعلها عادة تعود عليها، أو تقليدا لغيره أو خوفا من ذم الناس له .
- وكذلك المعاصي والمحرمات فشتان شتان بين من يتركها إيمانا واحتسابا وبين من يتركها ضعفا أو خوفا من العار أو الفضيحة وغير ذلك.
فالمطلوب من المسلم أن يصبر على المصائب وعلى فعل الطاعات وعن ترك المحرمات إيمانا واحتسابا وإلا خسر الأجر والثواب المترتب على ذلك.
- وقد وردت كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة في الحث على ذلك.
** قال تعالى : " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " فهؤلاء ما نالوا هذا الأجر الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية إلا لأنهم احتسبوا أجر المصيبة عند ربهم.
** قال تعالى : " والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار " فهؤلاء أيضا ما نالوا ما وعدهم الله به من الثواب في الآخرة إلا بهذا القيد وهو قوله تعالى : " ابتغاء وجه ربهم " وهو احتساب الأجر.
** قال تعالى على لسان نوح وهود وصالح وشعيب عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام : " وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين " فهم عليهم السلام يحتسبون أجر الدعوة إلى الله عنده سبحانه وتعالى.
** أما الأحاديث النبوية فهي أكثر من أن تحصى ومنها :
١ - روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا حتى تدفن ويفرغ منها كان له من الأجر قيراطان والقيراط مثل أحد ، ومن تبعها حتى يصلي عليها كان له من الأجر قيراط " والشاهد من الحديث قوله " إيمان واحتسابا " لا لقرابة فقط أو مجاملة أو ردا لجميل هذا الذي ينال هذا الثواب العظيم
٢ - روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ان ابنا لي قبض فأتنا، فأرسل يقرئ السلام ويقول : " إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب. .." فالشاهد أنه ما أمرها بالصبر فقط بالصبر واحتساب الأجر.
٣ - روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم " فمن مات له ثلاثة أولاد - بنين أو بنات - فاحتسبهم عند الله فلا تمسه النار إلا تحلة القسم يعني الوارد في قوله تعالى : " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا "
٤ - في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : أصيب حارثة يوم بدر - وهو غلام - فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله قد عرفت منزلة حارثة مني فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى ترى ما أصنع. فقال : ويحك أو جنة واحدة؟ إنها جنان كثيرة وإنه لفي جنة الفردوس " فالشاهد قولها فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب.
٥ - وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة " فالجنة أعدها الله لمن مات حبيبه واحتسبه عند الله.
٦ - روى مسلم عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة " فالإنفاق على الأهل يكون صدقة باحتساب الأجر عليه عند الله.
٧ - وروى مسلم عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : قال رجل : يارسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كيف قلت ؟ قال : أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر إلا الدين، فإن جبريل عليه السلام أخبرني بذلك " فقيد النبي صلى الله عليه وسلم تكفير خطايا المقتول في سبيل الله باحتساب الأجر مع الصبر والإقبال وعدم الادبار والفرار.
٨ - روى مسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : كان رجل من الأنصار بيته أقصى بيت في المدينة، فكان لا تخطئه صلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فتوجعنا له. فقلت له : يا فلان لو اشتريت حمارا يقيك من الرمضاء، ويقيك من هوام الأرض. قال : أما والله ما أحب أن بيتي مطنب ببيت محمد صلى الله عليه وسلم قال : فحملت به حملا حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته. قال : فدعاه فقال له مثل ذلك وذكر له أنه يرجو في أثره الأجر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إن لك ما احتسبت " قوله مطنب يعني ما أحب أن يكون بيتي إلى جانب بيته. وقوله " فحملت به حملا " أي حمل هم هذه الكلمة لبشاعتها. وقوله " أنه يرجو في أثره الأجر " يعني يحتسب خطاه إلى المسجد.
٩ - روى مسلم عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " وهذا لا يكون إلا للمؤمن لأنه هو الذي يحتسب الأجر على ذلك.
١٠ - روى أحمد في المسند بسند صحيح عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عزوجل فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه احتسابا خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه "
١١ - روى ابن ماجه بسند صحيح عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يقول الله سبحانه : ابن آدم ان صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثوابا دون الجنة "
١٢ - روى الترمذي وحسنه الألباني عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون :نعم. فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون : نعم، فيقول : ماذا قال عبدي؟ فيقولون : حمدك واسترجع، فيقول الله : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد "
* قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أيها الناس احتسبوا أعمالكم، فإن من احتسب عمله كتب له أجر عمله وأجر حسبته
* قال ابن عباس رضي الله عنهما : " ما من مسلم له ولدان يصبح اليهما محتسبا إلا فتح الله له بابين - يعني من الجنة - وإن كان واحدا فواحد "
فيا أيها المسلمون احتسبوا الأجر من الله على الصبر على المصائب احتسبوا على فعل الطاعات، احتسبوا على ترك المحرمات، احتسبوا على غلاء الأسعار. احتسبوا على الفقر، احتسبوا الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى.
نسأل الله تعالى أن يعيننا على احتساب الأجر على كل شيء وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين ..
- - - - - -- - - - - -
كتبه فضيلة الشيخ
أبو إسلام حازم بن علي خطاب
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين
الجمعة ٦/ ٥ /١٤٣٨ هجرية - ٣/ ٢ / ٢٠١٧م
==========================
المدونة ـ[ http://hazemkttab.blogspot.com.eg/ ]ـ
========================
شاركه على جوجل بلس

عن الكاتب العلوم الشرعية

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق